- ابن محمد مرعي المكوجي بشبين القناطر ، وطالب الثانوية العامة هذا العام ، هو واحد من رعاياك يامولاي! ، المستشار الزند الذي كان يعتبر القضاة "شعبا" وباقي المصريين" شعبا ثانيا" ..ترك الوزارة بعد أن شق جرحا غائرًا في أبدان المصريين لم ولن يندمل إلى يوم القيامة، ورغم أنه غادر إلا أن الدولة العميقة التي كان يمثل الزند أحد أبرز عناصرها وقتذاك ، بحكم مكانته كوزير للعدل (!!) لاتزال تحكمنا وتتحكم في رعايا الدولة المصرية ، وسواء كان رئيس الوزراء يقال له دولة الرئيس، أو كما أناديه الآن بـ "مولاي"، وليسمح لي أن أفعل و أن أناديه بهذا اللقب بحكم أننا رعايا ، وبحكم أن رئيسنا المفدي عَيَّنَه ليكون هو من يتلقى سهام النقد ، صغيرها وكبيرها ، راشقها وطائشها ، باعتبار أن أي نقد لرئيس الدولة مرفوض توتاليتاريًا ، فقد ينال من عزمها - الدولة - أو مقامها حاشا لله.
لافرق عندي إذن بين مولاي رئيس الوزراء وبين دولة رئيس الوزراء.. فصاحب أيٍ من هذين النداءين يتحكم في رقاب البلاد والعباد ولا يهتم بالرعايا .. فاروق الأول ملك مصر الأخير لم يكن يهتم برعاياه من الحفاة وكانوا بالملايين، وضبط ذات صحوة ضمير ، وهو يعلن تبرعه بمبلغ ألف جنيه - أيام الجنيه ماكان جنيها بحق وحقيقي- لكي يشتري بعض الحفاة بهذه المبلغ "مداسا" يلبسونه في أرجلهم المشققة ، بفعل الحفاء.
مشروع أحمد حسين - مؤسس حزب مصر الفتاة قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ - لمكافحة الحفاء أيام الملك أيضا فشل هو الآخر .. وفيما بعد انتصار ثورة يوليو للحفاة من الأُجَرَاء ومعدومي الدخل ، وتوزيع الفدادين الخمسة على آلاف منهم ، بدأ الحفاء يدخل طور التراجع والاختفاء، ثم قضي عليه مع انشاء شركة باتا.. التي كانت تصنع الكَوِتشات البيضاء ، ثم تطور الأمر الى صناعة الصنادل البلاستيك والكزالك (يستخدمها عمال المونة والأسمنت والمجاري الخ) ، وهي أحذية ذات رقاب طويلة واصلة حتي ماتحت الركبة بقليل ونحو ذلك .
- المهم أن نجل محمد مرعي المكوجي بعد ظهور نتيجة مدرسة "ديمشلت" ومدارس اخري مناظرة لها - يتردد أن مثلها في الصالحية شرقية - حذت حذوها في تحقيق نتائج عالية الجودة جدًا جدًا ، بطريقة غير ممكنة أو على الأقل غير متوقعة ، بكى بكاء حارًا ، فشل معه والده في ان يوقف انهماره وجريانه فوق ترابيزة المكواة .. (يا إبن محمد مرعي المكوجي ياحبيبي ماذنب هدوم الناس حتي تتبلل بالدموع ؟ وحتي تُعَّلِم فيها الاحزان ، أو تُعَلِّم عليها وتترك ندوبها غائرة فوق كل جيب بقميص ، أو كسرة ببنطلون )؟!
- عبثا حاول محمد مرعي المكوجي بشبين القناطر تطييب خاطر ابنه ، واستذكر كثيرا مما كان شيخ من شيوخ الجوامع إياها، أثناء انتصابه على منبر الخطابة في أيام الجمعة الحزينة ، كأن يروج للرضا بالمقسوم باعتباره فريضة إسلامية !! لا أعرف هل نال محمد مرعي المكوجي في أثناء تعليمه الذي لا أعرف له نتيجة ، فمحمد مكوجي ، ولا أعرف له عملا آخر ..ونحن نري سائقي تكاتك احيانا يبوحون لنا بأسرارهم ، إذا لم يكونوا من حملة السنج والمطاوي ، ومن الموصوف لهم سب الدين قبل الأكل وبعده وربما أثناءه - يفاجئوننا بأنهم خريجو كليات الآداب أو التجارة أو من حملة بكالوريوسات التربية (!!) - لا أعرف هل نال محمد مرعي قسطا من القراءة أو التعليم أتاح له مثلًا أن يقرأ لبعض الفلاسفة الذين يقولون دائما بثقة في مثل هذه المواقف المشينة التي لايعتدل فيها ميزان الحياة ، ويقام فيها الحد على الضعيف ولايقام على ابن الاكرمين رغم أنه لص أو قاتل أو زانٍ أن الحياة ليست عادلة ؟ ليه ياخويا ؟ ليه ياحبيبي ؟ ليه ياعم الفيلسوف الضخم .. الحياة تيجي عندنا وتبقي ظالمة وليست عادلة ؟! ليه ياعم الحج ؟ ليه ياعم الفيلسوف ، ولماذا تعلمون الناس وتكتبون أسفارًا تلو ألاسفار في فضائل وأهمية وضرورة وجمال قيمة العدل ؟ لماذا تهلكوننا وأنتم تبحثون عن مسببات وسبل وأساليب تحقيق العدالة الاجتماعية في تنظيراتكم ونظرياتكم؟ أتفعلون ذلك فقط لتفقعوا - أو تفرقعوا- مرارة الناس ، وتقولون لهم عندما يلوذون بكم في شدائد الأمور وكوارثها ، وفي أفظع مراحل حياتهم وجعًا وألما ، وبكل هدوء وبساطة : الحياة ليست عادلة ؟ كونوا رجالا واعدلوها.. احتجوا على ظلمها.. ارفضوها.. قاطعوها.. ألا تتحلى جدران المحاكم وقاعات القضاء بعبارة العدل أساس الملك، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ؟ من أين أتيتم بهذه الفكرة الشيطانية التي لا أظن حتى سلمان رشدي نفسه قال بها ؟ "آل الحياة ليست عادلة آل"!
- يجب أن نقبل إذن حصول طلبة مدرسة ديمشلت بالدقهلية ، وغيرها بالصالحية شرقية أن يحققوا نسب نجاح تناهز الـ٩٠ بالمائة فما فوق ؟ ونغني مع ليلى نظمي الدلوعة (م الثانوية للكلية) .. الطب والذي منه طبعًا ولا عزاء لأحد من أبناء الغلابة طافحي الكوتة من أجل تفوق لايتحقق أبدًا لأن الحياة ليست عادلة (بحسب نظرية الزند)، هيا بنا نغني مع ليلى نظمي ؛ هيييه م الثانوية عالكلية والمجموع قرب ع المية. زغرودة حلوة لطلبة مدارس ولاد الأكابر ، التي لايجوز التحويل إليها من لجان أخري ، الا بمعرفة الوزارة ، يعني متجيش انت ياغلبان يابن الغلبانين وتعمل نفسك حويط وتحاول تنقل للجنة دي لا ياحبيبي! هكذا تغني ليلى نظمي، بينما نحن نبكي دما بدلا من الدموع ولا تردعنا محاولات العندليب حليم وتطييبه لخواطرنا بقسمه الشهير المعروف "وحياة قلبي وأفراحه مالقيت فرحان في الدنيا زي الفرحان بنجاحه".
لا العندليب ولا الدلوعة ليلى الشعر يمكنهما أن يفعلا شيئا لابن محمد مرعي المكوجي المكلوم في صدره بعد أن ظهرت نتائج مدرسة ديمشلت الثانوية.. يقول لوالده : كده يابا .. كده ملناش ضهر كده ، وتعبنا يروح ع الفاضي ؟ ذكرني هذا بابني شادي الذي كان يحث زملائه بالمدرسة الاعدادي طوال العام على الاستذكار بجدية ومنع الغش منعا تاما ، لأنه يقضي على فرص التفوق لمن يستحق ، فالغشاش يستطيع أن يصل إلى المركز الأول على مدرسته ، بينما هو جاهل جهول ولم يذاكر بتعريفة .. او حتي بنكله.
.. وديمشلت هذه مدرسة في مدينة دكرنس بالدقهلية ، ويقال أنها مدرسة أولاد الأكابر ، وان متوسط نسبة نجاح الطلاب هذه السنة فوق الـ ٩٣٪ (علمي-علوم) وقراءة سريعة في مجموع درجات بعضهم نجد ٩٧،٢٪ و٩٧،٧٪و٩٥،٨٥٪ و٩٦،٢٢٪ و٩٤،٥١٪ و٩٦،٥٩٪ وهكذا .. في مدرسة ديمشلت لم يَقِل أحد عن نسبة الـ٩٠٪ ، بل كلهم حققوا نسبة أعلى فوق ال ٩٠٪ ، ولم يحدث أن أخطأ أحد وأخفق في مجموعه ، وراحت تلك الايام التي كانت النتائج فيها تعلن في مدراس النجاح، أيام كانت نتائج الثانوية تذاع في الراديو ويقول المذيع بشكل آلي وبطريقة عادية جدا: في مدارس النجاح لم ينجح احد!
- ابن محمد مرعي المكوجي كان سببا في أن يرد والده على استغاثتي للوزير الذي لاكت سيرته الألسنة بسبب الدكتوراه المضروبة ف عينها التي تقدم بها للدولة كجزء من مسوغات تعيينه وزيرا ، تلك المصيبة التي هزت ولاتزال تهز ارجاء المجتمع المصري .. بينما هو عامل نفسه من بنها! لأنه الأصل في الموضوع ، غش المجتمع كله.. بتسويق دكتوراه ليست صحيحة ودافع عنه مولاي رئيس الوزراء ، بأنه التوزير - التزوير في الحقيقة - ليس بالشهادات، والدكتوراه ليست أساسية في اختيار الوزراء، حتي لو كان يحملها الوزير الأول ، وإنما هي أشياء من باب الانسجام الوزاري وتحقيق خطة الدولة في النهوض بالتعليم .. والكلام الفاضي من هذه العينة. ويبدو أن خطة ديمشلت هي الخطة الرئيسية ، حتى يدخل كليات القمة فقط "زنداويو" الهوية ، ممن تجمعوا للدراسة في مدارس ولاد الأكابر .. التي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها.. ولو بكي ألف ألف ألف طالب من عينة ابن محمد مرعي المكوجي!
بينما يتحدث البعض عن أن مدرسة ديمشلت بها ٨٠٠ طالب ، وأنها احدي أكبر مدارس مدينة دكرنس ، وأنهم حققوا هذه النتيجة العجيبة ، تقول مصادر بالوزارة - تشير المصري اليوم - وعنها ينقل زميلنا سمير الدسوقي الصحفي بموقع أخبار مصر، أن العدد ليس كبيرا بهذا الشكل ، وأنه لايتعدي الـ٣١١ طالبا ، نتيجة أثلجت صدور أولاد الأكابر وأدمت صدورنا نحن أولاد الإيه !
ويشير الصحفي سمير الدسوقي أيضا إلى أنباء ترددت عن حصول ٦٠٠ آخرين من طلاب مدرسة ثانوية بالصالحية شرقية، جميعهم حصلوا على نسبة ٩٢٪ ، ١٦ لجنة كل الطلاب فيها حققوا نسبة ٩٠٪ فأكثر.
المصري اليوم تقول إن الوزارة تحقق في واقعة ديمشلت بمركز دكرنس دقهلية ، ولا نعرف ماذا يجري في الصالحية.لا أحد معنا .. وابن محمد مرعي المكوجي لايزال يبكي بكاء حارا .. وربما طلاب آخرون في عموم الجمهورية أدركوا كما أدرك ابني الحاصل على الاعدادية هذا العام بنسبة لم ترضيه (٩٥٪ وأكثر قليلًا) لأنه أدرك مبكرًا معني ان يؤثر الغشاشون على كل فرصة له في التفوق وبالتالي في أي مستقبل !
رعاياك يا مولاي
رعاياك يا دولة رئيس الوزراء.
كفاكم ماتفعلونه بنا .. وكمان عاملين من بنها!
-----------------------------
بقلم: محمود الشربيني